Skip to content

جان بيير هاغمان وحرفية قوالب الساعات

10 Mar, 2025
جان بيير هاغمان وحرفية  قوالب الساعات

فقد عالم الساعات اليوم  جان بيير هاغمان، من أعظم الحرفيين في تاريخ صناعة الساعات السويسرية والذي حملت إبداعاته توقيعه الشهير JHP داخل بعض من أكثر الساعات النادرة والمميزة.

بدأ جان بيير هاغمان مسيرته في 1957 كمتدرب لدى صانع المجوهرات السويسري بونتي جيناري وتعلم أساسيات الحرفة خلال فترة لم يكن فيها الطلب على المجوهرات مرتفعًا. ثم انضم إلى شركة جاي فريرس التي كانت متخصصة في صناعة أساور الساعات، مما فتح له الباب لدخول عالم صناعة القوالب عندما انضم إلى غوستاف بريرا عام 1968.

خاتم JPH بتصميم غير عادي وأنيق

تعلم هاغمان هناك أن صنع القالب ليس مجرد عملية صناعية، بل هو مزيج من الفن والدقة الهندسية. كان يشارك في صياغة هوية الساعة وليس فقط مجرد منفذ لتصاميم الآخرين،، هذا ما جعله يكتسب شهرة واسعة ويدفعه في عام 1984 إلى تأسيس ورشته الخاصة حيث بدأ في تقديم إبداعات تحمل أسلوبه الشخصي وجودته العالية.

إسهاماته في عالم الساعات

 يُعرف هاغمان بأنه صانع قوالب مكررات الدقائق الأشهر في العالم. فقد صنع قوالب لساعات 3974، 3979، و5029 من باتيك فيليب والتي أصبحت قطعًا مرغوبة بشدة بين جامعي الساعات حتى اليوم. فعندما تُعرض هذه الساعات التي تحمل ختم JPH  في المزادات، فإنها تحصل على تقييم خاص بفضل جودة تصنيعها وإتقانها الميكانيكي.

وفقًا لـهاغمان فإن رولكس، أوديمار بيغيه، لونجين، جيجر- لوكولتر، جيرالد جينتا هم مجرد أمثلة قليلة من بين عملائه. كما ضمت قائمة عملائه الأسماء الرائدة في صناعة الساعات المستقلة خلال تسعينيات القرن الماضي، بدءًا من فرانك مولر وحتى سفيند أندرسن.

 

نماذج أولية لقالب وسوار ساعة مصنوعة لأوديمار بيغيه عام 1985

في عام 1984 صنع هاغمان القالب لأول ساعة توربيون يدويّة من تصميم فرانك مولر وقام بتصميم القالب الأولى لموديل سينتري كورفكس الذي أصبح التوقيع المميز لفرانك مولر حتى اليوم.

ساعة فرانك مولر توربيون عام 1984، والتي يُرجح أنها أول ساعة توربيون على الإطلاق

إحدى أكثرالقوالب التي صنعها تعقيدًا كانت لساعة ستار كاليبر 2000 من باتيك فيليب وهي واحدة من أكثر الساعات تعقيدًا في العالم. كانت المشكلة الرئيسية تكمن في حجم العلبة الضخم، الذي جعلها ثقيلة للغاية وغير مناسبة لنظام الجرس داخل الساعة. أحد الحلول التي توصلوا إليها كان تصميم غطاء مفتوح على كلا الجانبين، مما سمح بتحسين أداء آلية التكرار الدقيق. استغرق إنتاج القوالب لهذه الساعات ستة أسابيع، قام فيها بصنع 26 قالب فقط، وكانت واحدة فقط منها بحاجة إلى تعديل، مما يعكس دقته الفائقة. 

إنتاج أول قالب سنتري كورفكس عام 1991 مينت ربيتر بربتشوال كالندر

يقول هاغمان إن العديد من ابتكاراته أصبحت الآن معيار صناعي رغم أنه لم يسجل أي براءات اختراع. من بين هذه الابتكارات القناة المدمجة لحركة شريحة التكرار الدقيق والتي أصبحت المعيار الأساسي في الصناعة اليوم.

قبل هذا الابتكار، كانت الشريحة تُثبّت على سطح العلبة بمسمار داخلي، مما كان يؤدي أحيانًا إلى عدم ثباتها أو انحرافها عن موضعها الصحيح. أما حله، فكان ببساطة إنشاء مسار غائر داخل العلبة لتثبيت الشريحة وتوجيه حركتها بسلاسة.

سر القوالب المثالية لمكررات الدقائق

يرى هاغمان أن الذهب الوردي هو الخيار الأفضل لصنع قوالب مكررات الدقائق، لأنه أكثر صلابة مقارنة بالذهب الأصفر أو الأبيض مما يساهم في تحسين صدى الصوت. أما البلاتين على رغم فخامته إلا أنه يضعف جودة الصوت بسبب كثافته العالية.

و يجب أن يكون جدار القالب بحد أقصى 0.5 مم  وأن يكون الزجاج مقبب قليلاً لتحسين الرنين الصوتي عند تشغيل آلية مكرر الدقائق.

تحديات الماضي وأهمية الحرفية اليدوية

في الماضي، لم تكن التكنولوجيا متاحة كما هي اليوم، حيث كانت عملية صنع القالب تتم يدويًا بالكامل بدءًا من رسم التصميمات على الورق إلى تشكيل المعدن وصقله وكانت المهارة اليدوية هي العامل الحاسم في الجودة.

يؤكد هاغمان أن صنع قوالب ساعات الجيب كان التحدي الأكبر خصوصاً قوالب السافونيت المزودة بغطاء مفصلي زنبركي حيث كان بناء الزنبرك وآلية القفل في الغطاء تخصصين منفصلين في الماضي، مما يتطلب إتقانًا لكل منهما.. فتح هذا الغطاء يجب أن يكون بزاوية 82 درجة بالضبط مما يتطلب ضبطًا دقيقًا يستغرق ساعات من العمل اليدوي.

بعد تقاعده في عام 2017 لم يبتعد جان بيير هاغمان عن عالم الساعات وعاد لاحقًا للعمل مع أكريفيا العلامة السويسرية الصاعدة التي أسسها الحرفي الموهوب رجب رجبي.

كان هذا التعاون جسر بين الأجيال حيث نقل هاغمان خبرته العميقة في صناعة القوالب اليدوية إلى الجيل الجديد، سعيًا لإحياء الحرفية التقليدية التي كادت أن تُنسى في ظل التوجه نحو الإنتاج الآلي.

واصل هاغمان شغفه بالساعات حتى أيامه الأخيرة، حيث كان يقضي وقته في الورشات التدريبية ونقل معرفته الجيل الجديد من مهندسي فاشيرون كونستانتين بعد أن باع ورشته لهم ليترك إرثًا يتجاوز مجرد إبداعاته، بل يمتد إلى الأجيال القادمة من الحرفيين.