تحت قيادة الرئيس التنفيذي جان فريديريك دوفور تمكنت رولكس من تحقيق قفزة هائلة وضاعفت إيراداتها وأحكمت قبضتها على عالم الساعات الفاخرة. وعلى الرغم أن دوفور يُعرف بشخصيته الكاريزمية المتحفظة إلا أن تأثيره في الشركة لا يمكن إنكاره و قادها إلى مستويات غير مسبوقة من النجاح.
مع اقتراب الذكرى العاشرة لتوليه المنصب أصبحت رولكس ليست فقط العلامة الأبرز في صناعة الساعات، بل رمز عالمي للفخامة، بإيرادات تُقدّر بأكثر من 10 مليارات فرنك. هذا الإنجاز لم يكن مجرد إضافة إلى تاريخ الشركة بل كان بمثابة إعادة تعريف لمكانتها في عالم الرفاهية.

دوفور في صورة حديثة
من البنوك إلى عالم الساعات
قد يكون من المفاجئ أن دوفور لم يبدأ مسيرته المهنية في عالم الساعات، بل بدأ كمتدرب في أحد البنوك في هونغ كونغ. لكن سرعان ما أدرك أن هذا المجال لا يناسبه وعاد إلى جنيف في أوائل التسعينيات بحثًا عن مسار جديد.
جاءت فرصته عندما التقى صدفةً بمالك شوبارد الذي منحه وظيفة كمندوب مبيعات.وبدأ رحلته في عالم الساعات متنقلًا بين سواتش وأوليس ناردين قبل أن يصل إلى زينيث في عام 2009. وفي سن 47 عامًا، تولى دوفور القيادة في رولكس.
قيادة رولكس نحو الاستقرار والنمو
أصبح دوفور الرئيس التنفيذي لشركة رولكس في سن السابعة والأربعين (حقوق الصورة: رولكس)
لطالما تميزت رولكس بالاستمرارية حيث لم يتولَّ منصب الرئيس التنفيذي سوى ثلاثة أشخاص فقط منذ عام 1910. لكن في عام 2009 دخلت الشركة مرحلة من الاضطراب بعد الرحيل المفاجئ لمديرها التنفيذي باتريك هاينيغر وسط أزمات داخلية.
استلم بعد المدير المالي برونو ماير لكنه لم يمتلك الخلفية الصناعية التي تحتاجها رولكس، مما جعل فترته الأقصر في تاريخ الشركة. ثم جاء جان ريكاردو ماريني ولم يكن سويسري مما أثار بعض الجدل داخل الأوساط الجنيفية.
عندما تولى دوفور القيادة عام 2015 كان الهدف واضحًا: إعادة التوازن إلى الشركة وترسيخ تفوقها في السوق. ونجح في إعادة إحياء الرؤية الأصلية لمؤسس رولكس هانز ويلزدورف التي تقوم على الاستقرار والتميز.
رؤية جديدة .. ونجاحات متواصلة
منذ توليه المنصب اتبع دوفور نهج استراتيجي ذكي عزز من مكانة رولكس. أولى خطواته كانت رفع أسعار الساعات تدريجيًا، مما زاد من حصرية العلامة وجعل امتلاكها أكثر تميزًا.
أيضاً رفع الإنتاج السنوي من 800,000 إلى 1.2 مليون ساعة، دون المساس بمعايير الجودة الصارمة. كما أعاد إحياء العلامة الشقيقة تيودور لتنافس بشكل مباشر علامات مثل بريتلنغ وتاق هوير.
لم تتوقف ابتكاراته عند هذا الحد، فقد قاد استحواذ رولكس على مجموعة بو خرير عام 2023 وأطلق برنامج الساعات المستعملة المعتمدة ما أتاح مصدر دخل جديد للشركة ووكلائها المعتمدين.
كذلك، قرر بناء مصنع جديد في مدينة بيول وهو موقع غير تقليدي بعيد عن المراكز الصناعية التقليدية مما يعكس استعداده لكسر القواعد عندما يكون ذلك في صالح الشركة.
(PAفي ويمبلدون 2024، مع زوجته آن-كارول والممثل توم كروز. (حقوق الصورة: مايك إيغرتون\ وكالة الصحافة
تصاميم تخرج عن المألوف
على صعيد التصاميم، كان لدوفور بصمة واضحة. ولأنه أعسر ويرتدي ساعته في يده اليمنى … كان له دور رئيسي في تصميم جي أم تي ماستر 2 بتاج على الجهة اليسرى.
كما قدّمت رولكس لأول مرة ساعات مصنوعة من التيتانيوم وأدخلت قوالب بخلفيات شفافة إلى جانب تعديلات على تصميمات كلاسيكية مثل:
إضافة عدسة سايكلوبس إلى سي دولر.
إطلاق نسخة ثنائية اللون من إكسبلورر.
استبدال تشيليني بسلسلة بيربتشوال 1908.
تقديم إصدار جديد من دي ديت ايموجي.
هذه التحولات التي لم يكن أحد يتوقعها من رولكس، أثبتت أن دوفور لا يخشى التجديد والتجربة طالما أنها تعزز هوية العلامة.
(حقوق الصورة: رولكس)
المستقبل: ماذا بعد؟
لا أحد يعرف الخطوة القادمة لـدوفور إذ تتردد شائعات عن نية رولكس الاستحواذ على بايَر ووتشز آند جاليري أقدم متجر للساعات في العالم، والذي تأسس عام 1760.
كما يُشاع أن باتيك فيليب قد تكون ضمن أهداف رولكس المستقبلية خاصة مع تقدم فيليب ستيرن في العمر رغم نفي ابنه تييري ستيرن وجود نية للبيع.
بغض النظر عن الوجهة التالية هناك أمر واحد مؤكد: دوفور لم يكتفِ بالحفاظ على إرث رولكس بل عززه وجعلها أكثر قوة وهيمنة وتجاوز المنافسين ليس فقط من خلال ندرتها، بل عبر جودتها وتميزها.