إذا كنت من عشاق الساعات، فمن المستحيل ألا تكون قد سمعت عن بريتلينغ واحدة من أكثر العلامات التجارية السويسرية شهرةً في عالم الساعات لكن كيف بدأت رحلتها؟ دعونا نغوص في القصة وراء هذه العلامة التجارية التي غيرت مفهوم الساعات
البداية: حلم ليون بريتلينغ (1884) 
في عام 1884 أسس ليون بريتلينغ ورشته الخاصة في سانت إيميه بسويسرا وركز على صناعة الكرونوقراف وهي نوع خاص من الساعات مزودة بوظيفة التوقيت بدقة.
في ذلك الوقت كانت الكرونوقرافات تُستخدم بشكل أساسي في الرياضة والصناعة والعلوم لكن ليون رأى إمكاناتها في الملاحة الجوية
غاستون بريتلينغ والابتكارات الثورية (1915)
بعد وفاة ليون عام 1914 تولى ابنه غاستون بريتلينغ قيادة الشركة. كان طموح مثل والده وقدّم أول ساعة يد كرونوقراف بزر منفصل للتشغيل والإيقاف في عام 1915 وهي ميزة أصبحت معيارًا في صناعة الساعات لاحقًا
في عام 1923 طوّرت بريتلينغ زر تشغيل وإيقاف مستقل مما مكّن المستخدمين من تسجيل أوقات متعددة دون إعادة ضبط الساعة بالكامل. هذه الميزة كانت مثالية للطيارين والرياضيين وأصبحت أداة أساسية لقياس الوقت بدقة أثناء الرحلات الجوية والسباقات
بريتلينغ تسيطر على الأجواء (1930-1957)
في ثلاثينيات القرن الماضي بدأت بريتلينغ في تصنيع أدوات الطيران لطائرات القوات الجوية بما في ذلك الجيش البريطاني وسلاح الجو الأمريكي.
في عام 1938 أطلقت بريتلينغ خط Huit Aviation، حيث طورت عدادات طيران باحتياطي طاقة يدوم حتى 8 ايام وهو أمر ثوري في ذلك الوقت لكن التأثير الأكبر جاء في الخمسينيات عندما تم تكليف بريتلينغ من قبل جمعية مالكي الطائرات والطيارين (AOPA) بتطوير ساعة نافيتايمر عام 1952 والتي أصبحت أيقونة الطيران
تتميز نافيتايمر بإطارها الدوّار المزود بمسطرة حاسبة دائرية تتيح للطيارين إجراء حسابات ملاحية أساسية مثل استهلاك الوقود و معدل الصعود أو النزول والمسافات. شهدت نافيتايمر تطورات متعددة لتلبية احتياجات المستخدمين المتغيرة حيث تم تقديم إصدارات بمقاسات مختلفة مثل 41 مم و35 مم، لتناسب مختلف الأذواق. كما تم استخدام مواد متنوعة في تصنيع الهيكل والسوار بما في ذلك الستيل والذهب عيار 18 قيراط. و تم تحديث المحرك الداخلي للساعة ليشمل آليات أوتوماتيكية متقدمة مثل عيار بريتلينغ 17 المعروف بدقته.
كما أطلقت بريتلينغ عدة إصدارات محدودة من نافيتايمر تكريمًا لتراثها. من بين هذه الإصدارات، نسخة نافيتايمر 1 أوتوماتيك 41 ليمتد إديشن الحصرية للشرق الأوسط والتي تتميز بتفاصيل تصميمية فريدة تعكس الطابع المحلي. تتضمن نافيتايمر الحديثة وظائف متعددة مثل عرض التاريخ وكرونوقراف لقياس الفترات الزمنية ومؤشرات لقياس السرعة.
ساعة سكوت كاربنتر – أول ساعة سويسرية في الفضاء
سكوت كاربنتر هو رائد فضاء أمريكي، حمل ساعة Breitling Cosmonaute على معصمه في عام 1962 أثناء رحلته على متن Aurora 7. كانت الساعة تحتوي على مينا تُسهل معرفة الليل والنهار في الفضاء وحجم 42 مم ليتم ارتداؤها فوق بدلة الفضاء ومحرك يدوي خاص وفقًا لمواصفاته الشخصية.
لسوء الحظ، تعرّضت الساعة لمياه المحيط الأطلسي عند الهبوط مما أضرّ بالمينا لكنه منحها لون برتقالي مميز وجعلها تحفة فريدة.
أزمة الكوارتز وإنقاذ بريتلينغ (1970-1980)
قامت بريتلنغ بانتاج ساعة سوبر أوشن لأول مرة عام 1957 وهي من أبرز ساعات الغوص الاحترافية وتميزت بمقاومة للماء تصل إلى 200 متر وهو إنجاز بارز في ذلك الوقت.
ومع مرور الوقت شهدت سوبر أوشن تحسينات مستمرة بما في ذلك زيادة مقاومة الماء واستخدام مواد متقدمة مع الحفاظ على التصميم الكلاسيكي الذي يعكس تراثها العريق.فمثلاً في عام 2022 أطلقت بريتلينغ مجموعة جديدة من ساعات سوبر أوشن مستوحاة من تصميم ساعة سلو موشن الأصلية من الستينيات مع إضافة مزايا عصرية وألوان مبهجة.
في السبعينيات، واجهت صناعة الساعات السويسرية تهديد خطير بسبب الساعات اليابانية المزودة بحركة الكوارتز التي كانت أكثر دقة وأرخص بكثير من الساعات الميكانيكية السويسرية.
نتيجة لذلك، واجهت بريتلينغ أوقاتًا عصيبة، وكادت تنهار... لكن في عام 1979 ظهر إرنست شنايدر رجل الأعمال الطموح وعاشق الطيران واشترى الشركة، ليبدأ عصرًا جديدًا من الإبداع
بريتلينغ تعود بقوة: الكرونوغرافات الحديثة (1980-2000)
تحت قيادة إرنست شنايدر،، ركزت بريتلينغ على إنتاج أدوات للمحترفين حيث أطلقت مجموعة كرونومات عام 1984احتفالًا بالذكرى المئوية لتأسيس الشركة وجاءت كإشارة لعودة الساعات الميكانيكية في فترة هيمنة الساعات الرقمية.
تشمل الساعة إطار دوار مع علامات مميزة تُعرف بـعلامات الفارس بالإضافة إلى سوار رولو المعدني الأيقوني تحتوي معظم موديلات كرونومات على محركات ميكانيكية أوتوماتيكية مصنوعة داخل مصانع بريتلينغ مثل الكاليبر B01 المعروف بدقته وموثوقيته العالية.
قدمت بريتلينغ عدة إصدارات من كرونومات لتناسب مختلف الأذواق مثل كرونومات 28 وهو إصدار أعيد تصميمه بميناء من عرق اللؤلؤ الوردي ومؤشرات مرصعة بالألماس المصنع في المختبر.
بالإضافة إلى إنتاج ساعة ايمرجنسي عام 1995 وهي الساعة الوحيدة في العالم التي يمكنها إرسال إشارة استغاثة. تم تطوير الفكرة خلال مؤتمر الناتو في الثمانينيات، حيث ناقش إرنست شنايدر أهمية وجود منارة استغاثة في ساعة يد خاصةً للطيارين الذين قد يفقدون الاتصال بطائراتهم. بالتعاون مع شركة Dassault Electronique الفرنسية.
نجاح هذه الإصدارات ساعد بريتلينغ في استعادة مكانتها وعادت لتكون واحدة من أقوى العلامات التجارية السويسرية في عالم الساعات الفاخرة.
العصر الحديث: الابتكار والرفاهية تحت قيادة جورج كيرن (2017 - الآن)
في 2017 تولى جورج كيرن قيادة بريتلينغ وأعاد تعريف العلامة التجارية من خلال تركيزها على ثلاثة عوالم رئيسية:
الجو – من خلال نافيتايمر وأدوات الطيارين.
البحر – من خلال سوبر اوشن وساعات الغوص الاحترافية.
البر – مع مجموعات بريمير الكلاسيكية.
تستمر بريتلينغ في التطور حتى اليوم حيث تعتمد على إنتاج المحركات الميكانيكية المصنوعة داخل مصانعها وتقدم تصاميم كلاسيكية بلمسات عصرية تجعلها الخيار الأمثل لمحبي الساعات الفاخرة